أعلام سلاصوت وصورة

الفقيه سيدي محمد بن الميلودي بن السماحي الحراثي

 من قراء سلا

الفقيه سيدي محمد بن الميلودي بن السماحي الحراثي

 

   د. أحمد الوارث

 أ.ت.ع كلية الآداب الجديدة

 

    الشريف الأجل  المنعم الفقيه سيدي محمد  بن سيدي الميلودي بن سيدي السماحي الحراثي .  ولد عام1341هـ موافق 1923م، بدرب الحرارثة في سلا المدينة العتيقة، وتربى وتعلم في الزاوية الحراثية، وحفظ في رحابها القرآن على يد الفقهاء الذين استقدمهم والده، وأقاموا في الزاوية؛ أولهم وأشهرهم الفقيه الطيبي الدحامنة، وهو تجاني الطريقة، وعلى يده حفظ القرآن، وذلك عامي 51-ـ1352هـ موافق 32-1933م. ودرس في دار الزاوية، أيضا، على علماء آخرين، منهم: الفقيه مصطفى الخمار الحسناوي، والفقيه سي إبراهيم، والفقيه السرغيني، كما التحق بجامع القرويين في فاس. والمعروف عنه، أيضا، أنه درس بمدرسة باب سبتة  في سلا، وأنه تعلم اللغة الفرنسية، وكان يتقنها. وظل مهتما بالعلم والكتب والعلماء دائما. وفيما يلي رسالة وافية بالمرام :

الحمد لله وحده، سعادة الأخ في الله الفقيه العلامة الأمثل السيد محمد التطواني سلام عليكم ورحمته عن خير مولانا أيده الله. وبعد السؤال عن الأحوال المرضية أدامها الله عليكم بالسلامة والعافية. فإن حامله الطالب الأجل سيدي محمد السماحي الحراثي قد تعلقت همته العليا باقتناء بعض الكتب العلمية وبالأخص منها حاشية الصاوي على الجلالين والتاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول. وقد استكتبنا إلى سيادتكم لتأخذوا بيده ببيع ما تيسر عندكم منها. فالمطلوب من مجادتكم أن تحققوا رغبته. وأقدم إلى جنابكم الأسمى أسمى التهاني بهذا العيد المبارك أعاده الله وأمثاله علينا وعليكم بالعافية والرفاهية وعلى المحبة والسلام. في 30 رمضان المعظم عام 1378هـ. أخوكم  أحمد بن عبد النبي  أمنه الله

بيد أن أهم ما اشتهر به بين الناس، مذ كان يافعا، هو حفظه القرآن الكريم حفظا متقنا، وحرصه الشديد على قراءة الحزب بعد صلاتي الصبح والمغرب في المسجد الأعظم بسلا قريبا من درب الحرارثة، أو في أي مكان اتفق له فيه أداء الصلاتين. بل كان ورده قراءة القرآن، وذلك في كل حين، لا يفتر لسانه عن القراءة، وكان من أشهر أئمة صلوات التراويح بالمسجد الأعظم، وخاصة ليلة القدر، وكان يحظى بإعجاب المصلين لصوته الحسن في التلاوة. بل إنه أم الناس في التراويح بمسجد سيدي أحمد حجي في سلا وعمره لم يتجاوز أحد عشر عاما.

كان هذا الرجل الشريف فقيها عالما، كما كان من رجال التصوف؛ وقد تصدر للمشيخة في زاوية الحرارثة بسلا، خلفا لوالده وجده، مواظبا فيها على الأوراد العيساوية الجزولية الشاذلية مع المريدين والأتباع والمحبين، حريصا على الحضور معهم في مواسم عيساوية محلية في دار الزاوية بدرب الحرارثة أو في بلاد الغرب وتامسنا، أو كلما تطلب الأمر ذلك، مثل إصلاح ذات البين بين الناس، ساعيا في الخير بينهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا.  لا يتخلف عن موسم ضريح جده العالم الصوفي الكبير سيدي امحمد بن عمرو المختاري قرب أكوراي، ناحية مكناس، أو موسم عيساوة في مكناس أو موسم مولاي إدريس بجبل زرهون. والمتفق عليه بين سائر من عرف الشيخ سيدي محمد بن سيدي الميلودي بن سيدي السماحي الحراثي أنه بلغ مقام الأولياء، منعوتا بالصلاح شفاهيا بين الناس أجمعين، وكتابيا في كثير من الوثائق. وكانت وفاته رحمه الله تعالى ليلة الإسراء والمعراج سنة 1413هـ موافق ثاني فبراير 1992م، ودفن بضريح جده الأكبر الإمام المجاهد سيدي عبد القادر الحراثي في سلا قرب ضريح سيدي ابن عاشر الأندلسي.

     بيبليوغرافيا:

ــ وثائق بحوزة حفدة سيدي عبد القادر الحراثي آل ابن عمرو، الساكنين بالمنزل رقم 10، درب الحرارثة، حومة الطالعة، سلا- المدينة العتيقة.

ــ أحمد الوارث، زاوية الشيخ امحمد بن عمرو المختاري: الولي والزاوية وامتدادات التأطير الصوفي في المجتمع المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1437هـ/ 2016م.الفقيه سيدي محمد بن الميلودي بن السماحي الحراثي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى