الفقيه العلامة الحاج سيدي محمد بن الطيب الحصيني

الفقيه العلامة الحاج سيدي محمد
من علماء سلا
الفقيه العلامة الحاج سيدي محمد بن الطيب الحصيني
هو الفقيه الورع القارئ لكتاب الله، الحاج محمد بن الطيب الحصينـي المعزوزي نسبة لقبيلة حصين فرع المعزوزي من ضواحي مدينة ســـــلا.
كان مولده بمدينة سلا المحروسة بتاريخ 14 غشت 1916.
دخل “المسيد” لتعلم مبادئ القراءة وحفظ القرآن الكريم أولا على يد الفقيه الكبير سيدي الحاج محمد بريطــل. ثم ختم كتاب الله برواية ورش على يد الفقيه والأستاذ محمد بوشعراء الذي سبق أن نسخ مصحفا بخط يده وأهداه لتلميذه محمد الحصينـي الذي كـان يفتخر به ويرجع إليه في المراجعة.
بعد تخرجه من الكُتاب، تابع دراسته بمسقط رأسه عند نخبة من العلماء السلاوييـن.
فكان يتابع درس تفسيـر القرآن الكريم على يد العلامة زين العابدين بنعبود، أخ الدكتور المهدي بنعبود، والذي كـان يحضر درسه عدد غفيـر من الطـلبة والمستمعيـن حيث كانت محاضرته تكتسـي صبغة جديدة وشيقة خلافا لما كان عليه الوضع سابقا، مما أثــــــــار عليه حقدا وحسدا من طرف بعض الوجهاء الذين ضيقوا عليه، فاضطر إلى مغادرة ســـــلا والذهاب إلى مدينة الدار البيضاء التـي استقبلته بقلب رحب وصار يدرس العلم بالمسجد المحمدي.
تابع المتـرجم دراسته العلمية مع جماعة من الطــلبة السلاوييـن بمنـزل العلامة الباشا الحاج محمد الصبيحـي الذي كان يفتتح درسه بعد صلاة الصبح.
وتتلمذ بالخصوص على شيخ الجماعة الفقيه العلامة الحاج أحمد بن عبد النبـي الذي كـان مواظبا على إلقاء دروسه في الفقه بيـن العشاءين بالمسجد الأعظم. وكـان المتـرجم مع الطالب محمد السهــلي يتوليان مهمة السرد على الشيخ. وكان محمد السهـلي رحمه الله كــلما فاه الشيخ بمستملحة أو فائدة إلا ردد كلمته المشهورة “ذُقنـي”.
اشتغل صاحب التـرجمة بالتجارة ثم التحق بالمحكمة الشرعية كيد يمنـى للقاضـي سيدي إدريس بنخضراء.
كان رحمه الله والفقيه سيدي محمد فتحاً بن محمد العوني من خيـرة حفظة القرآن الكريم بسلا. لقد تم اختيارهما ليتـلوَا كـتاب الله على المغفور له السلطان محمد الخامس حينما كــان يعالج بمصـحة “دوبار كبيـر” بالرباط. وكـان كذلك من أول المقرئيـن الذين كـانوا يتـلون كـتاب الله عبـر الأثيـر عندما فتح راديو المغرب بالرباط.
بعد شفاء المغفور له محمد الخامس مباشرة، التحق رحمه الله بالأعتاب الشريفة للعمل هناك بوزارة العدلية التـي كان يشرف عليـها حينئذ الفقيه الحجوي. وبعد استقلال المغرب سنة 1956، التحق للعمل بالمحكمة الشرعية بمدينة سلا.
أيام الاستعمار الفرنسـي وبعد نفي محمد الخامس إلى مدغشقر سنة 1953، رفض القاضـي سيدي إدريس بنخضراء أن يقوم بمهمة خطبة الجمعة، فعرضت الإقامة الفرنسية على صاحب الترجمة هذه المهمة، لكنه تعلل بأعذار كثيـرة لكي يتملص منـها. وبقي الجامع الأعظم طيلة تلك المدة بدون خطيب الجمعة.
كـان رحمه الله يقوم بمهمة التـراويح الرمضانية بعد صلاة العشاء بالمسجد الأعظم بسلا. وكـان يمتاز بصوت رخيم يشد الناس إليه.
قضـى أيامه بالمسجد الأعظم أولا كنائب عن الفقيه الإمام الراتب الحاج محمد المرينـي. وبعد وفاة الفقيه امحمد بنسليمان الذي كـان قد استخلف هذا الأخيـر في الإمامة، أصبح المتـرجم إماما راتبا لهذا المسجد.
كان يقوم بالوعظ والإرشاد بيـن العشاءين بإعطـاء دروس في شرح ابن عاشر على حاشية بلحاج، وشرح حكم ابن عطاء الله السكندري، وشرح كتاب التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وكـان رحمه الله يتـلو كتاب الشفا للقاضـي عياض بصفة منتظمة كل صباح بضريح الولي الصالح سيدي عبد الله بنحسون.
كان رحمه الله يميل إلى الطريقة الكتانية والذي حببه إليـها صهره الفقيه أحمد برواين الذي عاشر شيخ الطريقة الكتانية أبو الفيض سيدي محمد بن سيدي عبد الكبيـر الكتاني، وكـان له ارتباط وطيد كذلك معه الطريقة الصوفية الصديقية.
توفي رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء 23 جمادى الثانية 1420هـ الموافق ل4 أكتوبر 1999م، ودفن بمقبـرة الشرفاء الحسونيين.